
التحديد المفاهيمي: قبل الشروع في تسليط الضوء على موضوع بحجم البيداغوجية الفارقية كخيار بيداغوجي جد فعال، لا بد من تعريفها وتحديد الإطار المفاهيمي، حيث تعتبر هذه الأخيرة مقاربة تربوية ظهرت خلال أوائل السبعينات من القرن المنصرم. حيث تطورت مع مرور الوقت لتشكل فكراً مهما يهتم بالإيقاعات التعلمية لدى أفراد جماعة الفصل الدراسي حسب حاجيات كل فئة على حدة وخصوصياتها واهتماماتها من جهة، ومن جهة مقابلة حسب متطلباتها وثغراتها ونقائصها وتعثراتها.
ومن هذا المنطلق بالذات، يمكن القول أن البيداغوجية الفارقية ، أصبحت تشكل من دون أدنى شك ،إطارا تربويا مرن يستمد مقوماته! من الانفتاح على الآخر وإدماجه بطرق متعددة وجديدة وأكثر نجاعة، ويعمل على ضخ دماء جديدة في المنظومة التربوية! من خلال تفريد التعلمات وتنويعها والاعتماد على الكيف لا الكم. وبناءً عليه، تنطلق هذه المقاربة البيداغوجية من الفوارق والاختلافات المرصودة في صفوف المتعلمين والمتعلمات! داخل القسم ليتم تقديم الدرس أو النشاط التعلمي أو المقطع أو الحصة الداعمة او الهدف التربوي! باستعمال طرائق وتقنيات متنوعة بكيفية متزامنة على اعتبار أن هناك مجموعة من الفوارق يمكن رصدها كالتالي:
الفوارق الاجتماعية والثقافية
يتميز منشأ المتمدرس والمتمدرسة وبيئتهما بمجموعة من الفوارق والاختلافات المتمثلة الجانب العلائقي، والقيمي واللغوي، ناهيك عن المعتقدات السائدة في المجتمع والتمثلات حول مجموعة من القيم (كاحترام الغير والتعاون والأمانة وتحمل المسؤولية والصدق وهلم جر). فبطبيعة الحال يتغير التحصيل من متعلم لآخر سواء سلبا أو إيجاباً استنادا إلى هذه الفوارق السوسيو ثقافية.
الفوارق الوجدانية والنفسية
يلعب المعيش اليومي للتلميذ دورا محوريا في التأثير على بناء شخصيته وإبداعاته ودافعيته تجاه اكتساب المعرفة والتحصيل الدراسي واكتساب المهارات والقدرات والكفايات اللازمة قصد تحقيق مسار دراسي قد يكون مُختَتَما بنتائج إيجابية ترفع المعنويات أو سلبية تجعل المتعلم يرزح تحت الضغوطات النفسية.
الفوارق الفزيولوجية
وتتمثل في الأوصاف والقدرات الفزيولوجية للتلاميذ (نظر/ سماع / قامة). وهنا تجدر الإشارة إلى فئة جد مهمة من المتعلمين والمتعلمات وهم ذوو الاحتياجات الخاصة. هذه الفئة تحتاج إلى وسائل تنشيط مناسبة ورعاية خاصة من المسؤلين على القطاع التربوي قصد النهوض بالمنظومة التربوية وخلق التوازنات الضرورية وتكسير الفروق الفردية والجماعية بين المتعلمين والمتعلمات.
الفوارق الإبستمولوجية
يختلف التحصيل الدراسي من تلميذ لاخر حيث يتأثر بمعارفه المرتبطة بالمحيط من مفاهيم وأفكار وأساليب وطرق التفكير والمهارات المعتمدة في التأويل والتقييم والتحليل والافتراض.
البيداغوجية الفارقية أية أهداف؟
إن تسيط الضوء على البيداغوجية الفارقية كأحد المرتكزات المحورية التي تنبني عليها العملية التعليمية التعلمية لا يكتمل دون الكشف عن أهدافها:
1) التقليص من ظاهرتي الفشل والهدر المدرسيين ووضع حد لهما.
2) تجويد التعلمات الدراسية عن طريق تقليص الفوارق بين المتعلمين والمتعلمات.
3) خلق العزيمة والرغبة والإرادة والدافعية لدي المتعلمين والمتعلمات من خلال التركيز أكثر على المتعثرين من خلال أنشطة تلائم مستواهم دون إغفال المتفوقين والمتفوقات الذين يستفيدون من أنشطة موازية على اعتبار أنهم متحكمون في التعلمات الأساس.
4) تنمية قدرة المتعلم على التعلم الذاتي والتكيف السوسيوثقافي وتحمل المسؤولية والاستقلالية والتفاعل الإيجابي مع المحيط المتمثل في المدرس والمتمدرس والأبوين والمجتمع برمته.
مميزات البيداغوجية الفارقية
تتسم البيداغوجيا الفارقية بجملة من المميزات التي تجعلها مختلفة عن بقية البيداغوجيات:
– تتميز بالتدخل البيداغوجي المعالج للنقائص والتعثرات ونقاط الضعف الذي ينبني على حاجيات المتعلمين والمتعلمات وقدراتهم وخصائصهم وتحدياتهم المعرفية.
– كل متعلم داخل الفصل الدراسي له تمثلاته وقدراته ومهاراته مما يجعل البيداغوجيا الفارقية بيداغوجيا مفردنة.
– توجيه كامل الاهتمام بالمتعلم لكونه يشكل جوهر ولب العملية التعليمية التعلمية ككل بشكل مفردن باعتماد شتى استراتيجيات العمل وكذا أنشطة متنوعة تروم معالجة الخلل الحاصل بغية تصويبه وتقويمه.
– إيلاء العناية الكاملة بالطوارئ البيداغوجية والتدخل العاجل لتقديم الدعم المستمر والضروري واللازم.
– خلق الدافعية والحافزية لدى أفراد جماعة الفصل الدراسي في جميع تمفصلات الدرس ومحطاته سواء قبل أو بعده أو أثناء تقديمه.
– اعتماد صيغ عمل متعددة ومتنوعة (عمل فردي، ثنائي ، جماعي ، بالمجموعات ، عمل تسلسلي ، عمل تكاملي)
– تبني أشكال عمل مختلفة حسب الحاجات تارة ، وطورا حسب المستوى التعليمي قصد خلق التوازنات الممكنة وتقليص الفوارق المعرفية.
– الاشتغال على وضعيات وتعليمات متنوعة عوض العض بالنواجد على الأسئلة المباشرة وبالتالي تحويل القدرات والمهارات إلى كفايات.
– تتبع المراحل الأساسية للدعم البيداغوجي باعتماد التغذية الراجعةالمناسبة.
البيداغوجية الفارقية
– ضرورة تنويع المراجع من قبل المدرس لانتقاء الأنشطة والوضعيات المناسبة لمستوى المتمدرسين والمتمدرسات. هذه التنوع سيفضي لا محالة إلى الاستجابة الفورية للتعثرات المرصودة! قصد تدعيمها وعلاجها. وعلى ذكر المراجع ، فهناك كم هائل من الأنشطة التي تحتاج إلى إعادة النظر! لأنها لا تلائم مستوي المتعلمين والمتعلمات (من خلال تجربتي المتواضعة ، تجدر الإشارة مثلا إلى أن الواضح في النشاط العلمي المتعلق بالقسم الأول يضم أنشطة في الصفحات الأولى تفوق مستوى جميع المتعلمين والمتعلمات على اعتبار أن المتعلمين والمتعلمات مطالبون بصياغة الفرضيات وتدوين الاستنتاجات وكتابة أسئلة التقصي! وهم لم يتمكنوا بعد من أبجذيات القراءة والكتابة).
– تنويع الوسائل التعليمية الكفيلة بتحقيق الجودة المطلوبة! عوض الاقتصار على الأدوات البدائية التي لا تسمن ولا تغني من جوع. فمن بين الوسائل الضرورية لا بد من نوفر المسلاط الضوئي والسبورة التفاعلية وتطبيقات الواقع المعزز والموارد الرقمية التي تهم المجال المدروس.
– التخلي عن النمطية السائدة داخل الفصول الدراسية باعتماد الأركان التربوية والمشروع التربوي الشخصي للتلميذ والتلميذة.
– تبني صيغ جديدة لتدبير الأقسام ( خلق ورشات نهاية كل أسبوع ، التحفيز لخلق العزيمة ، إجراء بحوث متنوعة تروم التيمات المدروسة ، اعتماد خطاطات ورسوم ومطويات ومعلقات ومبيانات وكل ما من شأنه أن يساعد على التدبير المحكم للقسم.
هذا المقال من تأليف الأستاذ عمر السرحاني
كراسة التعبير الكتابي المستوى1 حسب الطريقة التفاعلية
كراسة الكتابة القسم1 المفيد في اللغة العربية
شكرا
لكم مني تحية لا تشيخ
جميل